المقدمة
-
يُعتبر
الأدب السعودي بعامة والشعر المعاصر منه بخاصّة مظلوميَن من ناحيتين الأولى لأنهما
لم يُغطّيا التغطية الكافية من الدراسين العرب ، والثانية لأن المهتمين بشأن الأدب
في المملكة من كتاب ونقاد ومبدعين أهملوه ، علماً بأن الأجناس الأدبية في الدول
العربية : الشعر والمسرح والرواية والقصة القصيرة أُشبعت دراسات وبحوثاً من قبـل
أبناء البلد ، أو من قبل الباحثين في الدول العربية . ونود الإشارة هنا إلى أن
الأدب السعودي المعاصر لايقل أهمية - من حيث البنى والدلالات والتطور والتأثّر
والتأثير - عن الأدب في الدول العربية . فهناك في المملكة كتّاب كبار : روائيون
وشعراء ومسرحيون يشكّلون ظواهر أدبية مميزة لايستطيع من يطلّع عليها أويقترب منها
، أو يتعاطى معها أن ينكرها .
-
إن
المشكلة برأينا تتمثّل في عدم وجود مراجع جادة كافية عن هذه الحركة الأدبية ومن
ضمنها الشعر . فالدراسات عن الأدب السعودي بعامة والشعر السعودي المعاصر بخاصة
تكاد تكون نادرة . ويتجّهُ هذا النادرُ من الدراسات - في أغلبه - إلى عملية الرصد
، أو التنظير ، أو التجزيء ، إلى جانب أنه ينأى عن دراسة الحركة الشعرية كظاهرة
متكاملة تعتمد الشمولية . ومن الطبيعي والحال على هذا النحو عدم وجود اهتمام
بالشعر الجديد .
-
يعتمد
منهجُ هذا الكتاب أولاً على الدراسة النصية التي تتخذ من النص أساساً في بناء
نتائجها ، وهو ثانياً يتخذ من الشعر الجديد في المملكة مادته الأساسية ، وهو
ثالثاً يتخذ من علم الجمال والدراسات الجمالية والقوانين التي تحكمُ (المَثَلَ
الجمالي) أساساً في قراءة النصوص ونقدها ، وهو رابعاً يفتحُ الباب واسعاً أمام
معطيات العلوم الإنسانية الأخرى كعلم النفس وعلم الاجتماع ، ويفتح حواراً تكاملياً
مع المناهج النقدية في قراءة النصوص ، ويتجنّب النظرة الأحادية كالنقد البلاغي ،
والنقد النفسي ، والنقـد البنيوي ، والنقد الميثولوجي ، والنقد اللساني ، والنقد
التفكيكي ، وهو خامساً يبتعد عن التنظير ويهتم بالتطبيق ، وهو أخيراً يلتزم منهجاً
علمياً موضوعياً دقيقاً ويبتعد عـن النقد المحابي أو المجامل الذي انتشر في الآونة
الأخيرة .
-
وقد تمّت
في هذا الكتاب دراسة سبعٍ وثلاثين مجموعة شعرية لسبعة وثلاثين شاعراً وُزّعت على
قسمين ، قسم يتناول نصوصاً ينتمي شعراؤها إلى مرحلة التيار العمودي وتيار التفعيلة
، والقسم الثاني خُصّص للشعر الجديد . والهدف من وراء إثبات دراسات لبعض النصوص
العمودية والتفعيلة ينصرف إلى ربط مراحل الشعر السعودي بعضها ببعض ، إلى جانب
ملاحظة التطور الذي شهده الشعر الجديد ، والآفاق التي أضافها إلى المراحل السابقة
.
-
ومن
منطلق الالتزام بالدقة العلمية فقد - تمّ إلى جانب ماتقدّم - ضبطُ النصوص الشعرية
ضبطاً تامّاً بالشكل .
-
يتضمن هذا الكتاب ثلاثة فصول . يتناول الفصل الأول أبرز المصطلحات الواردة فيه ، مما يُضيء جوانب
أساسية في الدراسات التي يتضمّنها هذا الكتاب . وهي : الرؤية ، والرؤيا ، وقصيـدة
الرؤيا ، والقيم الجمالية : (الجميل والتراجيدي والقبيح) ، وثلاثة مواثف زائفة في
نقدنا الأدبي الحديث ، وعلم الجمال والنقد الأدبي ، والمَثَل الجمالي والنقد
الأدبي ، والصورة الفنية ، والصورة الفنية الكلية والصورة الفنية الكلية .
-
ويتناول الفصل الثاني دراسات لستِّ مجموعات شعرية تمثّل ملامح جزئية
لتطور الشعر السعودي المعاصر : المرحلة العمودية ، ومرحلة قصيدة التفعيلة ، وهي
مجموعات لشعراء ينتمون إلى مراحل مختلفة ، هم : أحمد سالم باعطب ، وغازي القصيبي ،
وسعد الحميدين ، وزاهر عثمان ، وخليل الفزيع ، وحود الصميلي .
- ويتناول الفصل الثالث إحدى وثلاثين دراسة لإحدى
وثلاثين مجموعة شعرية تمثّل المرحلة الجديدة فـي الشعر السعودي ، وقد صدر أغلبُها
خلال السنوات الأربع الفائتة بين عامي (2000و2004)م .
-
وقد أطلقنا على هذا الكتاب مسمّى ( دراسات جمالية نصية في الشعر
السعودي الجديد ) لأربعة أسباب ، أولها لأنه يستخدم أساساً معطيات علم الجمال ،
والدراسات الجمالية التطبيقية ، وقوانين المثل الجمالي في قراءة النصوص ، وثاني
الأسباب لأنه يبحث في النصوص عن الوعي الجمالي (الذي يحكم قوانين العمل الإبداعية
برمّتها ويوجّهها) ، والمثل الجمالي ، والقيم الجمالية : الجميل والقبيح
والتراجيدي والكوميدي والبطولي والرفيع ، وثالثها لأنه يتناول دواوين شعرية لشعراء
جُدد أغلبهم من الشعراء الشباب , أما لماذا (دراسات نصية) فلأن الكتاب يركّز -
وهذا رابع الأسباب - على بنية النص بوصفها وحدة متكاملة مستقلّة جمالياً وفنياً
ودلالياً .
-
بقي أن
نشير إلى أن المستهدف من وراء هذه الدراسات هو النصوص الشعرية وليس أصحابها ، فنحن
نحترم الجميع من خلال تمثلنا للقول العربي : (الخلاف في الرأي لايُفسد للودّ قضية)
، إلى جانب أن المواقف النقدية التي سجلناها : الإيجابي منها والسلبي إنما هي
نابعة من من قراءتنا للنصوص ضمن معطيات علمية أرتأيناها قد تكون صائبة بالنسبة
للبعض وقد تكون غير ذلك بالنسبة لآخرين .
لاندعي أخيراً لهذا الجهد أن يجيب عن كافة الأسئلة
التي يثيرها الشعر السعودي الجديد ، وليس طموحه أن يفعل
ذلك . إنه باختصار محاولة جادة في النقد التطبيقي لقراءة نصوص شعرية لشعراء أغلبهم
من الشعراء الشباب الذين لم يأخذوا حظهم من الاهتمام
جميل جدا
RépondreSupprimer