الفصل الأول في المصطلح النقدي



الفصل الأول
في المصطلح النقدي

-                   الرؤية
-                   الرؤيا
-                   قصيدة الرؤيا
-                   القيم الجمالية :
·            قيمة الجميـل
·            قيمة التراجيدي
·            قيمة القبيح 
-                   ثلاثة مواقف جمالية زائفة في نقدنا الحديث
-                   علم الجمال والنقد الأدبي
-                   المَثَل الجمالي والنقد الأدبي
-                   الصورة الفنية
-                   الصورة الفنية الكلية والصورة الفنية الجزئية 
سوف نناقش في هذا الفصل أبرز المصطلحات النقدية الواردة في الكتاب :
أولاً- : مصطلح الرؤية :
   إن ( الرؤية ) في اللغة تعني النظر بالعين المجردة . وقد ساهمت الفنون بعامة و(قصيده الرؤيا) بخاصة في تطوير دلالة هذا المصطلح حتى غدا من الواجب على النقد إضافة أبعاد جديدة إلى بُعـده المركزي لتتناسب والتطورات الفنيه والمعرفية والجماليه التي فرضها الشكل الجديد للشعر .
وضمن هذا التوجّه يمكننا أن نعرّف الرؤية في الفن على أنها المادة الوثائقيه التي يعكسها الفنان من الواقع ، وتخص المجتمع والفرد معاً ، يضاف إلى ذلك موقف المبدع وطرائق تشكيله الجمالية لتلك الرؤية .
    أعني أن البحث عن الرؤية فـي الفن بعامـة والشعر بخاصة يتم عبـر ثلاثة محاور أساسية :
-       يتمثل الأول في القضايا الذاتية والموضوعية التي يعكسها الشاعر ، وتقع ضمن إطار الحواس . ومن ذلك مثلاً: جانب الموت في الأسطورة ؛ أعني ماكان يراه الإنسان البدائي من موت لعناصر الطبيعة والحيوان والإنسان ، ولم يكن يجد إجابة كافية عن ذلك . وقد عكس أزمته في الأسطورة أو في جانبها الأول / الموت . كما يمكن أن نرصد في جانب الرؤية الحروب المختلفة في الملاحم ، وأعمال الشر المتقنة في نصوص شكسبير، وجوانب المدينة والمجتمع والصراع والسلطة والاغتراب والخوف وما إلى ذلك في النصوص الشعرية المعاصرة .
-       أما المحور الثاني للرؤية فيتمثل في اكتشاف طبيعة " الشكل الجمالي " الذي جسّد الشاعر فيه الموضوعات التي عكسها في المحور الأول ، ويتم التركيز هنا على البنية الفنية كإطار عام وعلى الصورة الفنية كإطار خاص .
-       ويأتي المحور الثالث - ضمن الرؤية - ليكمل المحورين السابقين ، فيدرس موقف الشاعر مما يحيط به ، ويتم هذا الاستنتاج من خلال تفاعل المحورين السابقين في الرؤية ؛ أي المادة وطرائق عكسها وتشكيلها الجمالي . وسيتبين لنا - حين نعرض بعد قليل لمصطلح الرؤيا - أن اكتشاف الناقد لموقف الشاعر ضمن مجال الرؤية سيساعده على تحديد طبيعة " الرؤيا " التى تُعتبر في تقديرنا الجانب المقابل للرؤية .
إن فهم الحدود والإبعاد لمصطلح الرؤية ضمن المحاور المذكورة يُسهم في توسيع أفق الوعي النقدي من خلال فرز العناصر التي تقتضيها حدوده المذكورة . وهو إلى جانب ذلك يساعدنا في قياس كثير من الأعمال والظواهر الشعرية على أساسها .
        ويمكن – من جهة -  دراسة جانب الرؤية من خلال النص الإبداعي / القصيدة مثلاً ، أو من خلال مجموعة شعرية  ، أو الأعمال الكاملة ، كما يمكن دراستها من خلال ظاهرة شعرية . وهذه الدراسة تُسهم في تحديد المواد المختلفة التي عكسها المبدع إلى جانب إسهامها فـي معرفة طبيعة الصورة الفنية التي عكست المواد المذكورة  .
        وهي فوق هذا وذاك -  أعني الرؤية - توفر القدرة الفذّة للناقد على اكتشاف الموقف النهائي للمبدع من الأشياء التي عكسها ، ومن ثم موقفه الفكري والإيديولوجي من القضايا الذاتية والموضوعية ، وبخاصة إذا كانت هذه الدراسة تتناول مجمل أعمال الشاعر .
        ودراسة الرؤية ضمن ظاهرة شعرية تُسهم في الكشف عن الملامح العامة التي تربط أبعاد تلك الظاهرة ، وتساعد على اكتشاف التطابق أو التشابه في المواقف الكثيرة والمختلفة فيها .
وكل ذلك سيؤدي إلى اكتشاف الجديد والقديم في عناصر الظاهرة المختلفة وسيسهم - من ثم - في وضع النص أو المجموعة أو الظاهرة في موقعها المناسب ضمن الحركة الإبداعية التي من جنسها .
          كما يمكن – من جهة أخرى عن طريق قانون الرؤية - معرفة ملامح أو طبيعة مرحلة شعرية معينة ؛ فالظاهرة الشعرية التي تُغَلِّبُ المواد المحكومة بإطار لحواس هي ظاهرة رؤية ؛ أعني أن المسافة بينها وبين الموضوع قريبة وأحياناً تكون متطابقة ، وفي هذه الحالة تصبح هذه الظاهرة أقرب إلى التسجيل والنسخ منها إلى بناء المعادل الفني . وقصيدة الرؤية ضعيفة لأنه يغلب عليها التسجيل والنسخ .
والشعر التقليدي العربي بعامة ( أعني شعر الإحياء ) على سبيل المثال هو شعر رؤية ، لأنه يُغلِّبُ الجانب الموضوعي على الذاتي " والذاتية هنا بمعنى الموقف لاالقضايا التي تخص الذات " . ولهذا ينبغي دراسته - من خلال هذا التحديد - ضمن قوانين الرؤية ؛ لأنها تتناسب وطبيعته .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire