سادساً
- : قيمة القبيح :
-
القبيح
نقيضُ الجميل 0 وإذا كان الجميل مبنيّاً على الانسجام والتوازن بين العناصر
المكوِّنة له ، فإنّ القبيح يعني التنافر بين العناصر والتفاوت ، وعدم الانسجام ،
وغياب التفاعل فيما بينها .
-
إن
الجميل يمنـح اللّذة والراحة وشيئاً من الرضا ، والقبيح يبعث القلق والنفور ،
ويشكّل شعوراً بالكره لدى متلقيه ؛ فهو لا ينسجم والذوق الطبيعي للإنسان .
-
والقبيح
مصطلح جمالي موجود في الحيـاة والفن 0 وهو في الإنسان مرتبطٌ - شكلاً - بتفاوت
واضح بين أجزاء الجسد ، أو بالتنافر بيـن الألوان التي يستخدمها ، أو بالحركة0 وهو
، من جهة أخرى ، مرتبط بالسلوك غير السّوي الذي ينعكس سلباً على الإنسان والحياة
الاجتماعية والروحية 0 والقبيح في الحياة يمكن أن يشمل الإنسان والطبيعة والأصوات
المرتفعة والأغاني الهابطـة ، وغير ذلك 0
-
وتَستغلُّ
الأعمال الأدبية والفنية مقولةَ التنافر ، وعدم الانسجام بين العناصر لتُبرز نسبةً
كبيرة من القبح في الشخصية الشريرة ؛ أي لتصوغً نماذجها القبيحة في الإنسان 0
فالشخصية الشريرة صوِّرت ، غالباً ، على أنها تمتلك وجهاً مكفهراً ، عبوساً ،
وتجاعيدَ مبالغاً فيهاً ، وأنفاً طويلاً ،
أو عريضاً لا ينسجم وطبيعة الفم والوجه ، وضحكة غير طبيعية ، ناعمـة أو قوية لا
تنسجم أيضاً وشكل الشخصية 0 وحين يستطيع الفنان - روائياً كـان ، أو مخرجاً
درامياً ، أو مسرحياً ، أو قاصاً ، أو مسرحياً - رسْمَ الشخصية الشريرة ، بناءً
على التنافر الذي تفترضه مقولة القبيح ، ينجح في إيصال ما يريدُه 0 وحين لا يستطيع
تحقيقَ ذلك ، فقد تنتقل الشخصيةُ لديه إلى
شخصية كوميدية تدمّر الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه أو تجسيده 0
-
ويُعتَبر
القبيح في الفن أحد القيم الجمالية الأساسية إلى جانب الجميل والكوميدي والتراجيدي
والجليل 0
-
والقبيح
أيضاً من الموضوعات الأساسية التي يتناولها علم الجمال بالدراسة 0
-
إن
علم الجمال –
كما نرى - يتناول القبيـح في الفـن ضمن جانبين أساسيين هما :
1- جانب المحتوى الذي تتجسّد فيه " قيمةُ القبيح " 0 ومهمّةُ علم
الجمال هنا أن يبحث عن هذه القيمة ، ويحدد ملامحها ، وأبعادها وميزاتها ، ثم يبيّن
علاقتها بالقيم الجمالية الأخرى إن وُجدت
، ثم طبيعةَ المساحة الممنوحة لها في النص مقارَنةً مع مساحة القيم
المذكورة ، وعلاقة كلّ ذلك بشعاب النص المختلفة 0
2-: وعلم الجمال يدرس القبيح في الفن أيضاً من خلال " جمالية الكل
الفني " 0 فيتناول كيفية تجسيد النص لقيمة القبيح ، ومستوى هذا التجسيد 0
وعلم الجمال ، في هذه الحالة ، يدرس قضيتين هما :
الشكل الجميل الذي جسّد قيمة القبيح ، والشكل القبيح الذي لم ينجح في تجسيد
أ ي قيمة أخرى 0
ويميّزُ علم الجمال - ضمن هذا الإطار - بين قيمة
القبيح المرتبطة بالمحتوى التي يعكسها شكل جميل - وهذا هو الأمر الطبيعي في الفن -
وبين الشكل القبيح الذي يعكس أيّ قيمة
جمالية ، فيفسدها ؛ بمعنى أنه لم ينجح فـي تجسيدها إبداعياً ، أي فنياً وجمالياً 0
ويكوْنُ باستطاعة علم الجمال – لو ركّز على هذا الجانب
الأخير – أن يحدّد مستوى إبداعية النص ، ثمّ إنه يستطيع ، بناءً على ذلك ، تحديد
القانون العام الذي استخدمه المبدع محتوىً وشكلاً للتعامل مع مفهوم القبيح 0
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire